الأشجار حول العالم
أشجار أستراليا ونيوزيلندا
تنمو الأشجار في بعض أنحاء العالم على هيئة غابات كثيفة، وفي بعض المناطق لاتنمو على وجه الإطلاق. تحتاج الأشجار لنموها فترة تزيد على شهرين خالية من الصقيع في كل عام. والأشجار القليلة التي تنمو في القطب الشمالي لاتصل إلى الحجم الكامل للشجرة. ولا تستطيع أية أشجار أن تنمو في ثلوج وبرودة القطب الجنوبي القارسة. تحتاج معظم الأشجار ـ أيضا ـ من 40 إلى 50سم من الأمطار في العام. يوجد عدد قليل ـ فقط ـ من الأشجار مثل شجرة يوشع وبعض أنواع النخيل التي تبقى حية في الصحاري.
تنمو معظم الأشجار عريضة الأوراق بشكل كثيف في المناطق الدافئة الرطبة لفترة لا تقل عن ثلاثة أو أربعة أشهر في العام. وتُعد المناطق الأكثر برودة وجفافا من أنسب المناطق لنمو معظم الأشجار ذات الأوراق الإبرية، ولكن بعض الأشجار ذات الأوراق العريضة، مثل أنواع القضبان، والصفصاف تنمو جيدا في المناطق الباردة، كما أن بعض الأشجار ذات الأوراق الإبرية، مثل الطقسوديوم وأنواع الصنوبر المختلفة، تحتاج إلى مناخ دافئ بعض الشيء. كما تنمو أشجار النخيل في المناطق الدافئة من أرجاء العالم المختلفة، وبخاصة المناطق الاستوائية الرطبة والجافة. وتنمو أشجار الكاذي والسيكاسيات والسراخس الشجرية ـ غالبا في المناطق الاستوائية الرطبة والمناطق الدافئة الرطبة الأخرى. كما تزدهر أشجار الزنبق أيضا في المناطق الدافئة، لكنها لاتحتاج إلى رطوبة عالية مثل أشجار الكاذي والسيكاسيات والسراخس الشجرية.
تحتاج معظم أنواع الأشجار المختلفة ـ أيضا ـ إلى أنواع مختلفة من التربة. فينمو كثير من الأشجار ذات الأوراق الإبرية جيدا في التربة الرملية الفقيرة. بينما تحتاج معظم الأشجار ذات الأوراق العريضة إلى تربة أكثر خصوبة.
وتنمو بعض الأشجار منفردة أو في مجموعات صغيرة. وفي المناطق قليلة الرطوبة، قد تنمو الأشجار على ضفاف الأنهار فقط، وقد تنمو بذور الأشجار التي تحملها تيارات البحر على السواحل. كما يزرع الناس أشجارا منفردة في أماكن، مثل المتنزهات والحدائق، لكن الغالبية العظمى من الأشجار تنمو في الغابات، حيث تتكون مناطق الغابات في العالم ـ غالبًا ـ من أشجار عريضة الأوراق وأشجار إبرية الأوراق.
الغابات ذات الأوراق العريضة
غابات الأشجار ذات الأوراق العريضة أو غابات الأشجار الصلدة تنمو في أنحاء كثيرة من العالم. وفي المناطق المعتدلة تفقد معظم الأشجار ذات الأوراق العريضة أوراقها في كل فصل خريف.
تنمو هذه الغابات في المناطق التي تتميز بموسم نمو طويل، وكميات وفيرة من الأمطار. وتحتوي كل القارات على غابات عريضة الأوراق ماعدا القطب الجنوبي. وتسمى هذه الغابات ـ أيضًا ـغابات الأخشاب الصلدة. وفي المناطق ذات الشتاء الثلجي البارد تفقد معظم الأشجار المكونة للغابات العريضة الأوراق أوراقها في كل فصل خريف. أما في المناطق الاستوائية فمعظم أشجارها ذات أوراق عريضة دائمة الخضرة.
لقد غطت الغابات ذات الأوراق العريضة في الماضي مساحات شاسعة من نصف الكرة الشمالي. واشتملت على أشجار مثل أنواع المران والقضبان والزان والبلوط. وبمرور الزمن، قُطعت معظم أشجار هذه الغابات لتوفير الأخشاب والوقود ولإفساح المجال للزراعة والمدن. وفي الوقت الحاضر توجد الغابات عريضة الأوراق في مناطق محدودة.
تغطي غابات من ذوات الأوراق العريضة والتي تتكون غالبًا من نوع الحور الرجراج الكاذب والحور البلسمي، مساحات شاسعة في جنوب سيـبريا، وأجزاء من جنوبي كندا. كما تنمو غابات من أنواع البتولا والبلوط في شرقي أوروبا وعلى طول ساحل البحر الأصفر بالصين وكوريا. أما في أستراليا فتسود كل من أشجار الأوكالبتوس والأكاسيا المناظر الطبيعية. وتعتبر أشجار الأوكالبتوس من أعلى الأشجـار في العـالم؛ إذ يبلـغ ارتفاع بعضـها أكثـر من 90م.
وتنمو في مناطق عديدة غابات مختلطة من الأشجار العريضة الأوراق والإبرية الأوراق، بالقرب من الغابات العريضة الأوراق أو الغابات الإبرية الأوراق. ويوجد هذا النوع من الغابات وبمساحات كبيرة في كل من أواسط وجنوبي أوروبا وأواسط كندا، وشرقي الولايات المتحدة، وشرقي آسيا.
الغابات الاستوائية المطيرة
الغابات الاستوائية المطيرة تنمو في أوغندا وفي مناطق حارة ورطبة أخرى. ومعظم الأشجار عريضة الأوراق تكون دائمة الخضرة، وعلى الرغم من تشابه الأشجار إلا أنها تنتمي إلى عدة أنواع مختلفة.
تنمو غابات عريضة الأوراق ورائعة في المناطق الاستوائية ذات المناخ الحار الدائم والأمطار التي تسقط بانتظام في جميع أشهر العام. وتتشابه كثير من الأشجار في هذه الغابات الاستوائية، وهي أشجار عالية، ويصل ارتفاع الكثير منها إلى أكثر من 45 م، أوراقها جلدية خضراء داكنة. ومعظم الأشجار دائمة الخضرة، لأنها تستقبل أمطارا طوال العام، ولذا قد تتشابه الأشجار، لكنها تنتمي لأنواع عديدة. وتنمو أنواع نخيل كثيرة بين الأشجار العريضة الأوراق في الغابات الاستوائية.
وتوجد أكبر الغابات الاستوائية في كل من أمريكا الجنوبية، وأمريكا الوسطى، ووسط إفريقيا، وجنوب شرقي آسيا. تتعرض الغابات الاستوائية في كثير من الأقطار في هذه المناطق إلى عمليات إبادة من أجل سد متطلبات العالم من الأخشاب، ولتهيئة الأرض للزراعة والتعمير. كانت الغابات الاستوائية في نهاية الثمانينيات من القرن العشرين تغطي مساحة تقدر بـ 10,000,000كم² تقريبا، يباد منها مايقرب من 100,000كم² كل عام. تسبَّب قطع الأشجار بغرض التجارة ـ أي قطع الأشجار لبيعها كأخشاب ـ في دمار بيئي كبير، ويتسبب قطع الأشجار الأكبر حجمًا ـ أيضًا في دمار الأشجار الأصغر حجمًا ـ كما أن الآلات الثقيلة المستعملة في القطع تتسبَّب في قطع ماتبقى من الغطاء النباتي.
وكانت الأشجار الاستوائية تُقطَّع لتوفير البدائل لأخشاب المناطق المعتدلة القيمة مثل الزان والبلوط والجوز. وللأخشاب الصلدة الاستوائية أيضا خصائص إنشائية وتجميلية تتوفر لدى أشجار المناطق المعتدلة.
تتعامل تجارة الأخشاب مع عدد قليل من أنواع الأشجار الاستوائية. ففي غابة الأمازون مثلا، يُستعمل 50 نوعا فقط (من عدة آلاف من الأنواع). وفي إفريقيا توفر 10% فقط من الأنواع المتاحة 70% من جملة صادرات الأخشاب. أما جنوب شرقي آسيا فصادراتها من تجارة الأخشاب تركز على 12 نوعا من الأشجار. وتعتمد الجابون، أحد أقطار غربي إفريقيا في 90% من صادراتها على نوع واحد من الأشجار هو الأُكومي.
تهدد عملية قطع أشجار الأخشاب الصلدة، بانقراض بعض الأنواع. والأنواع المعرَّضة لهذا الخطر أنواع مألوفة من الأخشاب الصلدة الاستوائية القيّمة مثل التيك وبدائل التيك وبدائل الزان والماهوجني والأخشاب الاستوائية الحمراء الأخرى.
ويعتبر التيك أحد أفضل الأشجار الاستوائية المعروفة وأعلاها قيمة؛ فهو مع قوته ومتانته التي تعادل قيمة ومتانة البلوط، فإنه يمكن أن يُشكَّل بسهولة، وقد استُعمل عبر القرون لبناء السفن والقوارب. وتزداد ندرة التيك هذه الأيام، في مواطن انتشاره الطبيعي، وهي غابات مناطق الرياح الموسمية بجنوب شرقي آسيا، ولكنه يزرع الآن في مزارع تجارية.
لقد أدت ندرة التيك وارتفاع أسعاره إلى استعمال أخشاب أخرى ذات خصائص مشابهة للتيك، ويعتبر البديل الأول للتيك الأفرورموزيا، الذي ينمو في غربي ووسط إفريقيا. وبعد 40عاما من تصديرها أصبحت هذه الشجرة القيِّمة مهددة بالانقراض. يُعد الأفرورموزيا نوعًا بطيءَ النمو على النقيض من شجر التيك.
بـيع نوع آيروكو الذي يتميز بنعومة التعرق والخشب الثقيل في الأسواق العالمية لسنوات عديدة تحت اسم تيك غربي إفريقيا، وهو الآن من الأنواع النادرة. وبمعدلات القطع الحالية يتوقع أن تنقرض شجرة آيروكو بنهاية القرن العشرين.
وهناك نوع آخر من الأخشاب التجميلية، وهو تيك بورنيو وهو عبارة عن خشب بني محمر داكن، يستعمل في كل من صناعة الأثاث وأطُر النوافذ، وأرضيات الأماكن المزخرفة (الباركيه). وقد تم استنزاف معظم غابات تيك بورنيو الطبيعية ماعدا ما وُجد منها في كل من إندونيسيا وبابوا غينيا الجديدة.
اتجه تجار الأخشاب للمناطق الاستوائية بحثا عن بدائل الزان الأوروبي. وقد تسبب ذلك في انخفاض أعداد الأنواع الشائعة مثل أوبيكي غربي إفريقيا و رامن الإندونيسي. وقد منعت نيجيريا تصدير الأوبيكي في عام 1975م.
ويُعد الماهوجني الكوبي من الهبات الأصيلة للعالم الجديد، أو الماهوجني ذو الورقة الصغيرة. وقد عُرف كنوع جيد من الخشب بوساطة الغزاة الفاتحين، وقد بنيت سفن الأسطول الأسباني الضخمة من هذا الخشب المتين، ضيق التعرق. ويتسبب اختلاف ظروف النمو في اختلاف الألوان في الخشب، ولكن كل الماهوجني ـ تقريبا ـ يميل للون البني المحـمر الداكن مع بريق أصــفر. وبالإضــافة إلى جماله فالماهوجني سهل التشكيل والإعداد ويقاوم التشقق والالتواء بعد تشكيله وإعداده.
تتعرض كل أنواع الماهوجني الآن إلى التهديد بالانقراض؛ لقد أُبيد كل الماهوجني الصغير الورقة، الذي ينمو في حالة طبيعية تقريبا. وقد استخدمت حكومة البرازيل حراسًا مسلحين لمنع إزالة كتل الماهوجني من مناطق الهنود.
يميل تجار الأخشاب إلى تسمية كثير من الأخشاب المدارية الحمراء بالماهوجني، على الرغم من أنها ليست بالماهوجني الحقيقي، وهي بصورة عامة هشة أكثر من أنواع الماهوجني الحقيقي. ويطلق على أنواع الدبتروكارب التي تمثل غالبية صادرات جنوب شرقي آسيا عدة أسماء محلية. وقد تسمى الأخشاب نفسها أو أخشاب مشابهة بالماهوجني الفلبيني أو لَوَان في الفلبين، بينما يُطلق عليها سرايا في إندونيسيا و مَارَنْتي في غربي ماليزيا.
هناك نوع من الخشب، شبيه بالماهوجني يوجد في غربي إفريقيا. ويسمى خايا أو الماهوجني الأحمر. ظل يباع في أوروبا منذ أواسط القرن التاسع عشر، وتشبه أوصاف هذا الخشب أوصاف الماهوجني الحقيقي، ولذا يوجد عليه طلب شديد. لقد أوقفت غانا تصدير خمسة أنواع من الأخشاب لمنع انقراضها، بينما يظل نوع أكَاجُو، ـ وهو خشب التصدير الرئيسي بساحل العاج ـ مهددا بالانقراض.
المحافظة على الغابات الاستوائية المطيرة
ليست هناك إجراءات فعّالة للحدّ من قَطع أنواع الأشجار المهددة بالانقراض، ومن المشكلات الرئيسية في هذا الصدد قلة الإحصاءات الخاصة بآثار قطع وتداول الأشجار على أنواع الأخشاب المختلفة.
اتخذت بعض الأقطار المنتجة للأخشاب خلال ثمانينيات القرن العشرين الميلادي خطوات لتأمين تراثها الطبيعي، فطبقت كل من نيجيريا وغانا والفلبين وماليزيا وإندونيسيا إجراءات تَحدّ من تصدير الأخشاب. وفى عام 1988م فرضت تايلاند حظرًا فوريا على قطع وتداول الأشجار. وتتضمن الأهداف بعيدة المدى للمحافظين على البيئة، الإدارة الرشيدة للغابات وإقامة مزارع للأشجار الاستوائية، وهذان الهدفان كانا نصب أعين المهتمين بالحفاظ على البيئة. وقد تجلى ذلك بوضوح في المعاهدة العالمية لأخشاب المناطق الاستوائية والتي أصبحت قيد التنفيذ في إبريل عام 1985م.
الغابات ذات الأوراق الإبرية
غابات الأشجار ذات الأوراق الإبرية أو غابات الأخشاب الرخوة، تغطي مساحات شاسعة في أقصى الشمال بالإضافة إلى منحدرات سلاسل بعض الجبال مثل جبال الألب الإيطالية (أعلاه).
تنمو هذه الغابات ـ غالبا ـ في المناطق ذات الشتاء الطويل البارد. وتمتد هذه الغابات والتي تسمى أيضا غابات الأخشاب الرخوة بعرض شمالي أوروبا وسيبريا وكندا. وتنمو أنواع كثيرة من التَّنُّوب واللاّركس والراتينجية في هذه الغابات الشمالية ومعها عدد قليل من الأشجار ذات الأوراق العريضة مثل، أنواع القضبان، والصَّفصاف. كما تنمو بعض أنواع الصفصاف إلى الشمال من الأشجار الإبرية الأوراق، لكنها لاتتعدى حجم الشُّجَيْرات. وتغطي الغابات ذات الأوراق الإبرية ـ أيضًا ـ منحدرات سلاسل الجبال مثل، جبال الألب، وجبال الروكي.
وينمو عدد قليل من الغابات ذات الأوراق الإبرية في المناطق الأكثر دفئا. على سبيل المثال تغطي مساحات شاسعة من غابات الصنوبر جنوب شرقي الولايات المتحدة. توفر هذه الغابات كميات كبيرة من الأخشاب الصالحة لإنتاج الأخشاب المنشورة ولب الورق.